شهد العالم في السادس من شهر فبراير الماضي صدمة مُدمية أثر الزلزال المُروع الذي أصاب الشمال السوري وجنوب تركيا، وراح على إثره ملاين الضحايا وتدمرت آلاف المباني مما أسفر عن حوالي 210 مليون طن من الأنقاض. تُحدث الزلازل تأثيرات على المباني حتى وإن لم يتم تدمير المبني بأكمله، أو لم يتم تدميره نهائيًا. لذلك نعرض في هذا المقال كيف تؤثر الزلازل على الهياكل الخرسانية، لمراعاة هذه التأثيرات في الإنشاءات القادمة.
الشروط الواجب توافرها في التصميم المعماري لمقاومة الزلازل:-
تحدث الانهيارات المفاجئة نتيجة عدم الدراسة الوافية للتربة ونتيجة جهل المصمم المعماري بحالة الأرض التي ينفذ المشروع عليها.. فهناك وسائل كثيرة لمعرفة باطن الأرض وهناك علم كامل يسمى علم (الجيوتكنيك) مختص بدراسة تربة الموقع قبل التنفيذ وتحديد مقاومة التربة.
يجب في التصميم اختيار شكل المبنى في المسقط الأفقي بحيث يكون متماثل، وأن يتم تجنب استخدام الأشكال الزاوية. وفي حالة وجود مبنى بشكل غير منتظم، فيجب تقسيم المبنى عن طريق عمل فواصل. حيث أنه يُمنَع استخدام قطع الأراضي المثلثة أو متوازي الأضلاع – بعد الزلازل المتكررة – حيث أنه تؤثر الزلازل على الهياكل الخرسانية وذلك لما تمثله من تمركز إجهادات في الأجزاء الضعيفة منها وكذلك تتولد إجهادات عزم التواء شديدة بها نتيجة حدوث الزلزال.
عوامل الأمان في التصميم الإنشائي للمباني السكنية:-
- تقدير الحمولات الحية والحمولات الميتة بدقة.
- يُحسب التصميم على أساس مقاومة الخرسانة.
- تقدير الحمولات عالية القيمة وتخفيض قيمة المقاومة للخرسانة والحديد.
كيف تؤثر الزلازل على الهياكل الخرسانية؟
قبل أن نتعرف على أثر الزلازل على المباني والمنشآت يجب أن نتعرف على مكونات الهياكل الخرسانية وأنواعها.
مكونات الأبنية الخرسانية وأنواعها:-
تتكون الهياكل الخرسانية من مادتين أساسيتين وهما، الخرسانة واسياخ حديد التسليح. يتكون البيتون من الرمل والركام والأسمنت، ويتم خلط هذه المواد بنسب محددة من الماء، تؤثر الزلازل على الهياكل الخرسانية بشكل كبير إذا حدث خلل في هذه المكونات.
أنواع المباني الخرسانية:-
- مباني قصيرة الارتفاع: لا يزيد عدد أدوارها عن ستة أو سبعة أدوار.
- مباني متوسطة الارتفاع: لا يزيد عدد أدوارها عن 14إلى15 دور.
- مباني عالية الارتفاع: يصل عدد أدوارها إلى 30 دور، ولا يزيد عنها.
التأثيرات التي تحدثها الزلازل على الهياكل الخرسانية:-
تولد الهزات الأرضية قوة مؤثرة على المبنى متناسبة مع كتلة المبنى نفسه، وبما إن غالبية كتلة المبنى متركزة في الأرضيات (البلاطات) فإن القوى الناتجة من الزلزال تؤثر بشكل أساسي على منسوب البلاطات وتنتقل هذه القوى خلال الحوائط إلى القواعد، ومنها تنتشر إلى الأرض. وعندما تتجمع قوى الزلزال من أعلى البناية إلى الأسفل فإن الأعمدة والحوائط الخرسانية في الأدوار السفلى تتعرض إلى أعلى قوة زلزالية ولذلك يتم تصميمها أشد صلابةً لتتحمل بطريقة أفضل من الأدوار العليا.
تؤثر الزلازل على الهياكل الخرسانية من خلال:-
1- قوى القصور الذاتي:-
يسمى ميل هيكل السقف للبقاء في موضعه الأصلي بالقصور الذاتي، ويُعد توليد قوى القصور الذاتي في الهيكل أحد التأثيرات الزلزالية التي تؤثّر بشكل ضار على الهيكل. بحيث عندما يتسبب الزلزال في اهتزاز الأرض، فإنّ قاعدة المبنى تتحرك ولكن السقف يظل في حالة ثبوت، وبالرغم من ذلك يتم سحب السقف بقاعدة المبنى، بسبب اتصاله بالأعمدة والجدران.
عندما تنحني الكمرات عموديًا أثناء الزلزال، تنحني البلاطات الرقيقة معها. وعندما تتحرك البلاطة في الاتجاه الأفقي، فإنها عادة ما تجبر الكمرات والأعمدة على التحرك معها.
ومن الجدير بالذكر أن الجدران والأعمدة عناصر هيكلية مهمة في نقل قوة القصور الذاتي. حيث أن الجدران الحجرية والأعمدة الخرسانية الرقيقة المدعمة تخلق نقاط ضعف في مسار نقل قوة القصور الذاتي.
2- تأثير التشوهات في الهياكل الخرسانية:-
يكون التشوه الهندسي للبلاطة ضئيلًا في المستوي الأفقي في معظم المباني. ويُعرف باسم الديافرام الصلب.
بمجرد تعرض المبنى للهزات الأرضية، فإن قاعدة المبنى تتحرك مع اهتزاز الأرض، ولكن حركة السقف تكون مختلفة عن حركة الأرضيات. يخلق هذا الاختلاف في الحركة قوة داخلية في الأعمدة تعمل على إعادة العمود إلى موضعه الأصلي. وهذه القوة الداخلية تسمى قوى الصلابة. تكون قوة الصلابة أعلى كلما زاد حجم الأعمدة، وقوة الصلابة في العمود هي صلابة العمود مضروبة في الإزاحة النسبية بين نهاياته.
3- الاهتزاز الأفقي والرأسي للهياكل الخرسانية:-
تؤثر الزلازل على الهياكل الخرسانية، فعند حدوث الزلزال يتم اهتزاز الأرض في جميع الاتجاهات الثلاثة (X, Y, Z)، وتهتز الأرض بشكل عشوائي ذهابًا وإيابًا على طول كل اتجاه من هذه الاتجاهات.
يتم تصميم الهياكل لتتحمل الأحمال الرأسية، لذلك يتم التعامل مع الاهتزاز الرأسي الناتج عن الزلازل -إمّا أنه يزيد أو ينقص الأحمال الرأسية- من خلال عوامل الأمان المستخدمة في التصميم لدعم الأحمال الرأسية.
ومع ذلك، فإنّ الاهتزاز الأفقي على طول اتجاهات (X, Y) أمر بالغ الأهمية لأداء الهيكل، لأنه يولد قوة القصور الذاتي والإزاحة الجانبية، وبالتالي يجب توفير مسار مناسب لنقل الحمل لمنع التأثيرات الضارة على الهيكل. حيث يمكن إنشاء هذا المسار من خلال التصميم المناسب للبلاطة الأرضية أو الجدران أو الأعمدة والوصلات بين هذه العناصر الهيكلية.
مقاومة المباني الإنشائية للزلازل:-
- اختيار النظام الإنشائي المناسب في حالة المباني ذات الارتفاعات المتوسطة والعادية.
- التصميم المعماري المناسب مع اختيار النظام الإنشائي المناسب.
- حساب ردود الأفعال الانتقالية المتولدة نتيجة الزلزال.
- نظام الأعمدة خرسانية والكمرات المحملة عليها؛ لا يتحمل هذا النظام المباني التي يزيد ارتفاعها عن 14 طابق.
تقوية المباني ومعالجتها لمقاومة الزلازل:-
1- المعالجة والإصلاح
إعادة تامين المقاومة الأساسية اللازمة للعناصر الإنشائية للمبنى المتضرر وغير الإنشائية، تحافظ العناصر الإنشائية التي تم إصلاحها بشكل جيد على نفس مقاومتها تقريبًا قبل حدوث الضرر.
2- التقوية أو التدعيم
تؤثر الزلازل على الهياكل الخرسانية وعلى المباني المجاورة للمنشآت التي تتعرض للزلزال لذلك وجب تعديل وتصحيح مقاومة وصلابة العناصر الإنشائية منفردة أو الجملة الإنشائية ككل وذلك لتحسين أداء المبنى ضد الزلازل اللاحقة.
- تشمل التقوية غالبًا زيادة مقاومة العناصر المنفردة أو مطاوعتها.
- إضافة عناصر إنشائية جديدة لزيادة مقاومة المبنى للقوة الجانبية بشكل جيد.
- وقد تجعل التقوية والتدعيم العناصر الإنشائية المختارة أقل مقاومة ومطاوعة، وذلك لتحسين العمل المتبادل للعناصر الإنشائية ومنع الانهيار المبكر لمبنى مجاور أضعف.
3- التقييم الطارئ لأضرار الزلازل
يتم إجراء تقييم أولي لكل مبنى من قِبل فرق بحث متخصصة فور وقوع زلزال مدمر وذلك كي يتم تحديد المستوى العام للدمار الواقع على المبنى بشكل سريع.
تعتبر عملية البحث الأولي التي تأتي بعد عملية التقييم الأوّلي تقييمًا مستقلاً وأكثر شمولية، يتم إعداده من قبل مهندس مصمم يبدأ بعملية التحديد التفصيلي لطبيعة ودرجة الدمار والحاجة إلى اتخاذ إجراءات الطوارئ أو التدعيم.
أما المرحلة الثانية فتتطلب البحث التفصيلي للأضرار بحيث يمكن تصميم ووضع تفاصيل اجراءات الإصلاح والتقوية بعد التحريات الأولية للبدء بالإجرءات الطارئة للحماية المؤقتة وذلك بالتدعيم الفوري للأبنية التي تضررت بشكل بالغ ولكنها لم تنهار عند وقوع الزلزال.
ختامًا:
قدمنا خلال هذا المقال كيف تؤثر الزلازل على الهياكل الخرسانية، والعوامل التي يجب أن يأخذها المعماري في اعتباره عند تصميم المنشآت لتقليل هذه الآثار.
المصادر:
شاهد أيضًا: