يشير تاريخ الهندسة المعمارية إلى أثار تغيرات فن العمارة في مختلف البلدان والثقافات وعلى مر العصور المختلفة والحقب التاريخية.فالطراز المعماري هو مجموعة من الخصائص والمميزات التي تمكننا من التعرف على طابع أي مبنى بسهولة. وقد يشمل المواد المستخدمة في البناء أو حتى طريقة البناء. يوضح لنا تاريخ الفن المعماري أن اتجاهات التصميم تتغير وفقًا للمعتقدات، والأيديولوجيات، والتقنيات المتاحة في كل حقبة زمنية. للتعرّف على أبرز أنواع فن العمارة، تابع معنا.

ما هي أبرز أنواع فن العمارة؟

كما ذكرنا أن فنون العمارة تأثرت بالحضارات على مر التاريخ، نعرض أبرز أنواع فن العمارة عبر التاريخ فيما يلي:-

1- العمارة المصرية القديمة:-

العمارة المصرية القديمة

تعد العمارة المصرية القديمة من أهم وأبرز أنواع فنون العمارة عبر التاريخ، فهي تضم الكثر من الحضارات والعصور، فقد أجمع المؤرخين وعلماء المصريات أن المصريين القدماء هم بناة المعرفة الأوائل،  فهم من علموا الإنسانية كيفية تصميم وتشييد المباني، وأرسوا بذلك الأسُس الحضارية للإنسان.  فقد وصل القدماء المصريين إلى مستويات عالية لا مثيل لها في التصميم المعماري وهندسة البناء. لا يزال حتى الآن من الصعب تصور كيف يمكن أن تكون كل هذه المباني والمنشآت التي أقيمت على مستوى عال من الكمال والدقة باستخدام أدوات بدائية لا تضاهي الآلات والمعدات الحديثة.

و تمثل الأهرمات أبرز الأمثلة على العمارة المصرية القديمة، ولكنها ليست الوحيدة، فبنى المصريون القدماء هياكل معمارية متعددة، فقبل بناء الأهرامات ركزوا على المعابد المليئة بالتفاصيل المعقدة والتي ركزت على الوظيفة الجمالية والنفعية معًا، وكذلك المسلات، والقصور والمقابر والحصون المحفورة.  واستعار المصريون من العمارة اليونانية والرومانية بعض الخصائص؛ مثل زخارف الأعمدة اليونانية، والمسلات الرومانية.

وكذلك أثرت الزخارف المعمارية المصرية القديمة على العمارة في جميع أنحاء العالم، أولاً خلال فترة الاستشراق ومرة أخرى خلال القرن التاسع عشر خلال الاهتمام  بعلم المصريات.

2- العمارة الإسلامية:-

تُعتبر العمارة الإسلامية أبرز أنواع فن العمارة عبر التاريخ، ولدت العمارة الإسلامية في القرن السابع، فالعمارة الإسلامية هي الخصائص البنائية التي استعملها المسلمون لتكون هوية لهم، وهي مستوحاة من العديد من الطُرز المعمارية مثل الرومانية والبيزنطية والصينية وكذلك الهندية.

وقد نشأت تلك العمارة بفضل المسلمين وذلك في المناطق التي وصلها كشبه جزيرة العرب والعراق ومصر وبلاد الشام والمغرب العربي وتركيا.  بالإضافة إلى المناطق التي حكمها لمدد طويلة مثل الأندلس (أسبانيا حاليا.

قامت العمارة الإسلامية بتصميم الكثير من المباني العظيمة، مثال: قبة الصخرة في القدس، ويشمل الطراز المعماري الإسلامي أربعة أنواع رئيسية من التصميمات هي: المساجد، والقبور، والقصور، والحصون.

كما يسهل التعرف على المباني المصممة على الطراز الإسلامي، وذلك لأنها عادة ما تتضمن الأقواس والأبراج والتصاميم الرائعة للبلاط. كما يتميز الطراز المعماري الإسلامي أيضًا باستخدام الحدائق الداخلية.

3- العمارة الأموية:-

تٌعد أيضًا العمارة الأموية من أبرز أنواع فن العمارة عبر التاريخ، نشأت العمارة الأموية في فترة الخلافة الأموية الممتدة بين عامي 661 و 750، وكان مركزها الأساسي سوريا وفلسطين، واعتمدت على الهندسة المعمارية لحضارات أخرى مثل الشرق الأوسط والعمارة البيزنطية، ولكنها أدخلت إضافات جديدة إلى مبانيها وابتكرت أنواعًا جديدة من المباني مثل المساجد ذات المحراب والمآذن، ومع أن الأمويين أعادوا استخدام المباني التي كانت موجودة أصلًا إلا أنهم أبدعوا وابتكروا في الديكور، فاستخدموا الأبنية المصنوعة من الأحجار في سوريا وأضافوا إليها فن النحت، والأسقف الخشبية للمساحات الكبيرة والتي تستند إلى دعامات خشبية، واشتهر الأمويون ببناء القصور الصحراوية مثل قصر الحير الشرقي، والمساجد مثل المسجد الأموي في دمشق.

4- العمارة الكلاسيكية:-

ينقسم هذا النوع من فنون العمارة إلى نوعين:-

– العمارة الكلاسيكية اليونانية والرومانية:-

بدأت العمارة الكلاسيكية في اليونان القديمة وروما القديمة حوالي القرن السابع قبل الميلاد واستمرت حتى القرن الرابع قبل الميلاد، ويلتزم هذا النمط المعماري بمفهوم هياكل البناء باستخدام قوالب محددة، ويمكن تمييز العمارة اليونانية والرومانية من خلال الأعمدة الشاهقة التي تُحيط بالمباني؛ أو من خلال المعابد الشهيرة التي تشبه العلب مستطيلة الشكل. وتعد الخصائص الرمزية للعمارة الكلاسيكية هي المبادئ المستخدمة في التصميم مثل الترتيب والنسبة والهندسة والتماثل والمنظور.

برعت الحضارة اليونانية والرومانية في الهندسة والعمارة، فبنى الرومان أفضل أنظمة الطرق السريعة في ذلك الوقت، بالإضافة إلى قنوات المياه التي امتدت إلى أوروبا بأكملها. ومن أشهر الأمثلة على العمارة اليونانية والرومانية مجمع الأكروبوليس في أثينا، والكولوسيوم والبانثيون في روما.

– العمارة الكلاسيكية الجديدة:-

ظهر طراز معماري جديد سُمي بالعمارة النيو-كلاسيكية منذ بداية القرن الثامن عشر وحتى أوائل القرن التاسع عشر، مع بروز الحركة الكلاسيكية الجديدة. حاول هذا الطراز إعادة بعض الأنماط المستخدمة في العمارة اليونانية والرومانية القديمة، وكانت المباني المصممة على هذا النمط المعماري شبيهة بالمعابد اليونانية والرومانية، ومن الخصائص المميزة لها استخدام الأشكال الهندسية البسيطة، والأعمدة، والجدران الفارغة والأعمدة القائمة بذاتها، بالإضافة إلى ضخامة الأبنية نفسها، ومن أبرز الأمثلة على العمارة الكلاسيكية الجديدة مبنى بنك إنجلترا في ليفربول، والبيت الأبيض في الولايات المتحدة الأمريكية، ومكتب البريد العام في دبلن.

5- العمارة الفيكتورية:-

العمارة الفيكتورية

نشأ هذا النمط المعماري في منتصف القرن التاسع عشر، وهو يرجع إلى عهد الملكة فيكتوريا التي حكمت المملكة المتحدة البريطانية العظمى وأيرلندا في الفترة من 1837 إلى 1901.

ويتميز هذا النمط المعماري عن غيره بأنه لا يقتصر على تصميم واحد بل اعتمد على على إعادة إحياء الأنماط التاريخية القديمة، وتقديم أنماط تصميم جديدة مستوحاة من الطُرز المعمارية في آسيا والشرق الأوسط.

شاعَ تطبيق هذا النمط المعماري على المنازل السكنية خلال فترة الثورة الصناعية، في كل من المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، وأستراليا أيضًا، ومن أبرز الأمثلة على هذا النمط المعماري قصر وستمنستر، وقاعة ألبرت الملكية في لندن، وبيت أوزبورن في جزيرة وايت، وقلعة بالمورال في اسكتلندا.

وكانت المنازل المبنية على الطراز المعماري الفيكتوري عادةً ما تكون ضيقة وطويلة وغير متناسقة في الشكل، ويُقال أنها تُشبه بيوت الدُمى التي تتميز بالزخارف، والألوان الزاهية، والتصميمات غير المتماثلة. وتتميز أيضًا بالأسقف شديدة الانحدار، والطوب العادي أو الملوّن، والتيجان على الأسطح، والنوافذ الكبيرة، والشرفات الملفوفة الواسعة، والأبراج مثّمنة الأضلاع أو المستديرة، أما التصميمات الداخلية فتتميّز بالسلالم الكبيرة، والأسقف الخشبية العالية المنحوتة والمزخرفة بأشكال معقدة، والمواقد المزخرفة أيضًا.

6- العمارة البيزنطية:-

كذلك تعتبر العمارة البيزنطية من أبرز أنواع فن العمارة عبر التاريخ. ظهرت العمارة البيزنطية كأحد أبرز أنواع فنون العمارة في العصور الوسطى، وكان ذلك بعد نهاية العمارة الرومانية في أوروبا، وعقب نقل قسطنطين عاصمة الإمبراطورية الرومانية إلى مدينة القسطنطينية (اسطنبول حاليًا)، وامتد من عام 527 إلى 1453 ميلاديًا.

كانت تستلهم تصميماتها من الطراز الكلاسيكي، وكانت تتحد فيها التقاليد الشرقية والغربية معًا. وتأثرت العمارة البيزنطية بالعمارة اليونانية وخاصةً في بناء الكنائس، واستخدمت في البناء مادتي الطوب والملاط، ويعدّ مسجد آيا صوفيا في إسطنبول من أشهر الأمثلة على العمارة البيزنطية. وكان هناك استخدام بارز للقباب المركزية الغريبة والفسيفساء الذهبية واستخدام الرخام في الديكورات الداخلية.

7- العمارة القوطية:-

نشأت العمارة القوطية في فرنسا في أواخر العصور الوسطى، ويعتمد هذا النمط المعماري على الحجارة كمادة أساسية للبناء، وتميز بالأقواس المدببة، والأعمدة المضلّعة والمقبّبة، والدعامات الطائرة التي تكون على شكل نصف قوس وتستند عليها الأبنية، تمت إضاءة الديكورات الداخلية بالزجاج الملون، بالإضافة إلى اعتماد آلية زيادة ارتفاع الجدران وتقليل وزنها مما يسمح للضوء بالتدفق إلى داخل الأبنية من خلال النوافذ الزجاجية.

تجلّى النمط المعماري القوطي بوضوح في الكنائس الأوروبية، فمن أوائل المباني ذات الطراز القوطي مبنى الإسعاف الخاص بدير سانت دينيس بفرنسا. ومن الأمثلة البارزة الأخرى كاتدرائية نوتردام، كاتدرائية شارتر، كاتدرائية القديس باتريك.

8- العمارة الباروكيّة:-

ظهر هذا النوع المعماري في إيطاليا في أواخر القرن السادس عشر وامتدَ إلى القرن الثامن عشر، ويتميّز بأنه أسلوب معماري عاطفي ودرامي صُمّمَ لجذب الحواس، فكان نسخة أكثر دراماتيكية وزخرفية ويعتمد في البناء على الأشكال المنحنية كالأشكال البيضاوية، والأشكال المقعّرة والمحدّبة التي تُعطي إحساسًا بالحركة.

ولكن الغريب بالأمر أن عنصر التشويه من أساسيات هذا النمط المعماري، فسيرى المشاهد في الأبنية المصممة على الطراز الباروكي أشكالًا مكسورة أو ممدودة أو بارزة بشكل واضح، إن مسرحية الضوء ، التي تجذب أعين المشاهد إلى الأعلى نحو السماء ، وتترك أحيانًا ميزات معمارية غير مكتملة ، ترمز إلى هذا النمط من العمارة على نطاق واسع.

ومن أبرز الأمثلة على هذا الفن المعماري قصر فرساي في فرنسا، وكاتدرائية القديس بولس في لندن، وساحة القديس بطرس في الفاتيكان، وقصر شونبرون في فيينا.

9- العمارة الشرقية:-

تشير العمارة الشرقية  إلى الطراز المعماري الذي نشأ في البلدان الآسيوية مثل الصين واليابان. وعادة ما تضم العمارة الشرقية التقليدية المساحات المفتوحة داخل المباني المغلقة. كما تركز أيضًا على عرض البناء بدلًا من ارتفاعه.
تتميز العمارة الصينية القديمة باستخدام الخشب والأعمدة، وعادةً ما تكون الهياكل أنيقة وبسيطة ومرنة في نفس الوقت.

10- العمارة التعبيرية:-

العمارة التعبيرية

تطورت الحركة التعبيرية في الفن والعمارة في ألمانيا في أوائل القرن العشرين، مما أدى إلى التشابه مع الفنون المسرحية التعبيرية والمرئيات. تم استخدام مواد مثل الخرسانة والزجاج لإنشاء أشكال نحتية غير متكافئة ومشوهة ومجزأة، تُظهر التركيز على التعبير الأسلوبي والرمزي والعاطفي.

كانت التصميمات عازمة على التجريد لإظهار المشاعر والعواطف الداخلية، رفضت التصميمات التعبيرية العمارة التقليدية، من المباني البارزة التي تمثل الأشكال التعبيرية هي برج أينشتاين من تصميم إريك مندلسون.

11- العمارة الحديثة:-

ظهرت العمارة الحديثة لأول مرة في النصف الأول من القرن العشرين ويُعد من أبرز أنواع فن العمارة عبر التاريخ، ويعتمد هذا الطراز المعماري على استخدام أحدث التقنيات المتاحة مثل الزجاج والفولاذ والخرسانة المسلحة. عادةً ما تعتمد الهندسة المعمارية الحديثة على الأشكال الهندسية البسيطة، ويعتمد هذا الأسلوب على البساطة في البناء، ولا يولّي أي أهمية إلى الزخارف، بل يهتم بنظافة الأبنية وخدمة الوظيفة التي بُنيَت لأجلها، ومن أبرز الأمثلة على العمارة الحديثة منزل فرانك لويد رايت في الولايات المتحدة الأمريكية، وفيلا سافوي لو كوربوزييه في فرنسا.

12- عمارة ما بعد الحداثة:-

نشأ هذا النمط المعماري في الفترة الممتدة من ستينيات إلى تسعينيات القرن العشرين، ظهر كرد فعل على صلابة أسلوب العمارة الحديثة، ولهذا تم إدخال الزخرفة إلى واجهات الأبنية عوضًا عن الخطوط البسيطة التي اعتمدتها العمارة الحديثة، واستوحى هذا النمط عناصره من مزيج من الأنماط المعمارية التي كانت سائدة سابقًا،

وهذا الأمر أدى إلى إنشاء مباني غريبة من ناحية التصاميم، ومن أبرز الأمثلة على هذا النمط المعماري منزل فينا فينتوري في ولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ومتحف غوغنهايم في بلباو بإسبانيا، وبيت الرقص في براغ.

13- العمارة المعاصرة:-

تعتمد العمارة المعاصرة على استخدام النوافذ الكبيرة والخطوط المنحنية. ويُطلق عليها الهندسة المعمارية للقرن الواحد والعشرين. ويقوم المهندسون المعماريون بتوظيف مختلف الأساليب المعمارية في البناء، بدلًا من الاعتماد على نمط واحد فقط. الهدف من الطراز المعماري المعاصر هو تصميم مباني تتحدى التوقعات بطبيعتها المدهشة والمعبرة. لذا يُعد أبرز أنواع فن العمارة.

14- عمارة الآرت ديكو:-

الآرت ديكو هو اختصار Arts Décoratifs، أو الفنون الزخرفية، وجد هذا النوع من الفنون شعبية كبيرة في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي. فهو يقوم بتسليط الضوء على التقدم التكنولوجي والاجتماعي في العالم.

يعتمد هذا الطراز المعماري على دمج الأساليب الحديثة مع استخدام المواد الغنية والمهنية البارعة في التنفيذ. لا يقتصر الآرت ديكو على المباني فقط، فقد اجتاح هذا الطراز  الأثاث، والمجوهرات، والأزياء، وحتى السيارات والقطارات.

يهدف الآرت ديكو إلى تقديم مظهر متجانس. كما أنه يعتمد على خلق قطعة فنية مبهرة باستخدام أشكال هندسية مرتبة تتخللها منحنيات زخرفية رائعة. ومن أمثلة هذا النمط المعماري: مبنى ماجوريل لهنري سوفاج ، وناطحات سحاب أخرى مثل مبنى كرايسلر ومبنى إمباير ستيت.

15- العمارة الخضراء:-

أخيرًا، من أبرز أنواع فن العمارة عبر التاريخ هو العمارة الخضراء، نشأ هذا النمط المعماري حديثًا، منذ عام 2007 وما زال مستمرًا إلى الوقت الحالي، ويستفيد هذا النمط المعماري من التقنيات الجديدة في عالم البناء، وهي نظام تصميم المباني بطريقة تحترم البيئة ولا تستنزف الموارد الطبيعية، مما يعني تصميم مباني تستهلك موارد طبيعية مثل الماء والطاقة بشكل أقل من الطبيعي، كما تهدف إلى تقليل الآثار السلبية على صحة شاغلي البناء والطبيعة المحيطة بهم.

ختامًا:

قدمنا في هذا المقال أبرز أنواع فن العمارة عبر التاريخ ، والتي تأثرت جميعها بالثقافات والحضارات المختلفة وتطورها عبر الزمان،  فكل حضارة تتأثر بما قبلها وكذلك تؤثر في الحضارات التي تليها، ليستفيد فن العمارة من تاريخ الحضارات ودمجها معًا.

تمت كتابة المقال بالاستعانة بهذه المصادر:-

– تاريخ العمارة
– العمارة بين التراث والمعاصرة
– 20 نمط متبع في العمارة بين الماضي والحاضر

تابع أيضًا: